ندخل معاً اليوم في مرحلة جديدة من مراحل اللعب مع الطفل، وهي مرحلة العام الأول من عمره، أي ما بين 13 – 24 شهراً، و سوف تلاحظين بنفسك مدى الاختلاف في تجاوب طفلك و تصرفاته و كيفية استيعابه و تعامله مع الألعاب خلال هذه المرحلة، فعقل الطفل أصبح متفتحاً أكثر على العالم من حوله، و تصرفاته الاستكشافية، لم تعد عشوائية، فهو يستكشف الأشياء، ليتحقق من شيء ما يدور في ذهنه، أو ليثبت لنفسه إحدى النظريات التي تجول في خاطره… ستلاحظين أن طفلك أصبح شديد الانتباه و قوي الملاحظة، و أنه يتذكر جيداً الأحداث التي تمر به، و يسترجعها عند تكرارها، كما أنه يحاول تقليد التصرفات المختلفة التي تصدر ممن يحيطون به، و يتمكن من إتقانها تدريجياً.
سوف ينتقل اللعب مع طفلك في هذا العام إلى مرحلة جديدة و متطورة، للعديد من الأسباب:
أولاً: مع دخوله عامه الأول، سيكون طفلك قد تمكن من المشي و تحقيق التوازن لنفسه دون الاتكاء على الأشياء، و إن لم يكن قد فعل، فسوف يحقق ذلك خلال الأشهر أو الأسابيع القليلة القادمة… نتيجة لذلك، سوف يطغى على معظم الألعاب طابع الحركة و التنقل، و سوف يحمل طفلك ألعابه معه و ينقلها من مكان إلى آخر، كما أنه سيختار و يتعوّد على أماكن معينة للعب، كغرفة الألعاب مثلاً أو غرفة المعيشة أو غير ذلك… يصبح اللعب جزءاً مهماً من نشاط طفلك اليومي، و سيعرف طفلك ذلك بنفسه، و يفضل اللعب في كثير من الأحيان على الأكل أو النوم أو مجرد الجلوس بهدوء.
ثانياً: سيتمكن طفلك خلال هذا العام، من تعلم و استيعاب العديد من المفردات، فبانتهاء عامه الأول، سيكون قادراً – في المتوسط – على استخدام 50 – 70 كلمة، كما سيكون قادراً على فهم معاني كلامك، و تجميع حوالي 200 كلمة في قاموسه اللغوي، كما أنه في النصف الثاني من عامه الأول (من 19 – 24 شهراً)، سيبدأ بتركيب جمل قد تتكون من كلمتين أو ثلاث كلمات. لذا،فالألعاب التعليمية و الفكرية و اللغوية، يجب أن تشغل حيزاً كبيراً من وقت اللعب لدى طفلك، لتعزيز و تطوير مهاراته المختلفة.
ثالثاً: تبدأ شخصية طفلك المستقلة بالتكوّن و التشكّل، و هو يدرك ذلك جيداً، لذا ستجدين أنه يصرّ على اتخاذ بعض القرارات بنفسه، و يعبر عن احتياجاته و رغباته، إما بالكلام، أو الإشارة أو حتى الصراخ، كما أنه يختار ما يرغب به و يحبه، سواء كان ذلك طعاماً أو لعباً أو هواية أو برامج تلفزيونية! لذا، سيكون عليك ملاحظة و اتباع رغباته –و أحياناً- طريقته الخاصة أثناء اللعب معه، مما سيضفي على ذلك نكهة مميزة و أسايب جديدة…
أتطرق الآن إلى بعض أفكار اللعب التي قد تمارسينها مع طفلك، و لكن تذكري دائماً، أن تطلقي لمخيلتك العنان، لابتكار المزيد و المزيد من الأفكار و الطرق.
ساعدي طفلك على المشي، و شجعيه على القيام بذلك، و تذكري أن عملية المشي بالنسبة له مهمة صعبة و تحدي مخيف، لأنه شيء جديد و ليس من السهل إتقانه، لذا كوني إلى جانب طفلك و شجعيه على النهوض كلما وقع، و لا تخيفيه من الوقوع بالصراخ أو إصدار أصوات عالية، لأن ذلك قد يربكه بعض الشيء و يزيد من رهبة الموضوع بالنسبة إليه. لتشجيع طفلك على الحركة و تعلم المشي إن لم يكن قد فعل بعد، أبقي الأشياء الملفتة للنظر و المفضلة عنده بعيدة عنه، و على مستوى أعلى منه بحيث يحتاج إلى الوقوف أو الانتقال من مكانه للوصول إلى هذه الأشياء.
ألعاب الجر و الدفع تضفي الكثير من المتعة على اللعب عند الطفل، خصوصاً بعد تمكنه من إتقان عملية المشي. من أمثلة هذه الألعاب، السيارات أو العربات التي لها يد أو مقبض طويل من الخلف بحيث يتمكن الطفل من دفعها، أو لعب عربات الأطفال الخاصة بالبنات. معظم هذه الألعاب تصدر بعض الأصوات الموسيقية التي تجذب الطفل كما أن لمعظمها صفة تخزينية بحيث يكون من الممكن وضع قطع الألعاب الصغيرة الخاصة بالطفل فيها، مما ينمي لديه مهارة تنظيم و توضيب أغراضه.